في إطار مكافحة تهريب المخدرات، نفّذ الجيش الأمريكي ضربات في شرق المحيط الهادي أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص، مما أثار جدلاً واسعاً حول قانونية هذه العمليات وتداعياتها. تأتي هذه الضربات ضمن حملة أوسع بدأت في سبتمبر الماضي، وتمتد أيضاً إلى البحر الكاريبي، وتثير تساؤلات حول حدود الصلاحيات الأمريكية في المياه الدولية.
تفاصيل عمليات الضربات الأمريكية
أعلنت القيادة الجنوبية الأمريكية عن تنفيذ الضربات في الخامس عشر من ديسمبر، بتوجيه من وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث. استهدفت العملية ثلاثة مراكب في المياه الدولية، بناءً على معلومات استخباراتية أكدت تورطها في أنشطة تهريب المخدرات عبر مسارات بحرية معروفة. ووفقاً للقيادة، كانت هذه المراكب مرتبطة بمنظمات مصنفة إرهابية.
حصيلة القتلى وتوزيعها
بلغ عدد القتلى ثمانية أشخاص، موزعين كالتالي: ثلاثة في المركب الأول، واثنان في المركب الثاني، وثلاثة في المركب الثالث. هذه الحصيلة تزيد من حدة الانتقادات الموجهة لواشنطن، خاصةً مع عدم وجود أدلة علنية قاطعة تثبت هوية الضحايا أو طبيعة السفن المستهدفة.
الإطار الذي تقدمه واشنطن لمكافحة المخدرات
تؤكد الولايات المتحدة أن هذه العمليات تندرج ضمن صراع مسلح مع عصابات تهريب المخدرات، كجزء من حملة شاملة تهدف إلى تعطيل شبكات التهريب البحرية في شرق المحيط الهادي والبحر الكاريبي. وتعتبر واشنطن أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الأمن القومي ومكافحة الجريمة المنظمة.
جدل قانوني وانتقادات دولية حول العمليات
على الرغم من تبريراتها، تواجه الولايات المتحدة انتقادات حادة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وخبراء مستقلين. هذه الانتقادات تركز على الشكوك حول قانونية الضربات، واحتمالية وقوع عمليات قتل خارج نطاق القانون. عدم تقديم أدلة علنية كافية يزيد من هذه الشكوك ويطرح تساؤلات حول الشفافية والمساءلة.
تصاعد الخلاف السياسي داخل الكونغرس الأمريكي
تحولت الحملة إلى محور خلاف سياسي حاد داخل الكونغرس الأمريكي. من المقرر أن يعقد مجلس الشيوخ جلسة استماع بحضور وزير الحرب بيت هيغسيث ووزير الخارجية ماركو روبيو لمناقشة ما يصفه الديمقراطيون بأنه “تصرفات غير مسؤولة وغير قانونية” في منطقة الكاريبي وشرط المحيط الهادي. كما ينتظر أن يمثل المسؤولان أمام مجلس النواب في اجتماع مغلق للإجابة على أسئلة تتعلق بالإطار القانوني للضربات.
موقف الديمقراطيين وتصريحات تشاك شومر
أعلن زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، عن عقد إحاطة عامة لأعضاء المجلس بحضور هيغسيث وروبيو لمناقشة ما وصفه بـ “التصرفات المارقة والمتهورة” للإدارة الأمريكية. وأكد شومر أن الشعب الأمريكي يستحق رقابة ومساءلة حقيقية، وأن الديمقراطيين عازمون على القيام بدورهم في توفير هذه الرقابة.
استقالة مفاجئة في القيادة العسكرية
بالتزامن مع تصاعد الجدل، قدم الأدميرال ألفين هولسي استقالته من منصبه بعد أكثر من سبعة وثلاثين عاماً في الخدمة العسكرية. لم يوضح هولسي أسباب قراره، لكن تقارير صحفية أمريكية أشارت إلى وجود خلافات داخل وزارة الحرب بشأن إدارة الحملة وتداعياتها. هذه الاستقالة تزيد من الغموض المحيط بالعمليات وتثير المزيد من التساؤلات.
تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة
عززت الولايات المتحدة في الأشهر الماضية حضورها العسكري في البحر الكاريبي، تحت ذريعة مكافحة تهريب المخدرات، وشمل ذلك نشر حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد”. وفي هذا السياق، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه اتهامات للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقيادة شبكة لتهريب المخدرات، وهي اتهامات تنفيها كاراكاس وتعتبرها محاولة لتبرير الضغط السياسي والعسكري عليها.
تحذيرات حقوقية وتأكيد على ضرورة المساءلة
دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الشريكة للولايات المتحدة إلى إدانة هذه الضربات، واصفة إياها بغير القانونية. كما أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن القانون الدولي لا يجيز استخدام القوة الفتاكة عمداً إلا كملاذ أخير ضد تهديد وشيك للحياة، مشددة على ضرورة المساءلة والشفافية.
الخلاصة
تثير عمليات الضربات الأمريكية في شرق المحيط الهادي والبحر الكاريبي تساؤلات جدية حول قانونيتها وتداعياتها. بينما تبرر واشنطن هذه العمليات بأنها جزء من حملة لمكافحة تهريب المخدرات، فإن الانتقادات الدولية وتصاعد الخلاف السياسي داخل الكونغرس الأمريكي يشيران إلى أن هذه القضية ستظل موضع جدل ونقاش في المستقبل القريب. من الضروري إجراء تحقيق مستقل وشفاف لتقييم هذه العمليات وضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.















