عبد الله أنزوروف، الشاب الشيشاني الذي ارتكب جريمة قتل المعلم الفرنسي صامويل باتي عام 2020، لم يكن بمفرده في المشهد، فقد كشفت التحقيقات عن صلته المباشرة بأحد مسلحي “هيئة تحرير الشام”، التنظيم الإسلامي الذي يتزعم المعارضة المسلحة التي شاركت في الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا.
ووفقًا للتحقيقات، فإن فاروق فايزمتوف، وهو مواطن طاجيكي ينشط من إدلب السورية، كان مسؤولًا عن نشر دعاية حزب التحرير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما كان على تواصل مع عبد الله الشيشاني، إبّان ارتكاب الجريمة.
وقبل أيام قليلة من حادثة القتل، نشر أنزوروف عبر تطبيق سناب شات تعليقات إيجابية عن هيئة تحرير الشام، واصفًا إياها بأنها “أفضل جماعة اليوم للانضمام إليها”، معتبرًا أنها الأجدر بخوض “الجهاد الحقيقي”.
ويوم الجريمة، وبينما كان يستعد لتنفيذ الاعتداء، تبادل أنزوروف رسائل مع أحد الناشطين في هيئة تحرير الشام، وأرسل له صورة لرأس المعلم المقطوع، قبل أن تقتله الشرطة في وقت لاحق.
القضية قيد النظر حاليًا في محكمة الجنايات الخاصة في باريس، حيث يُحاكم عدد من المتهمين بتهمة “التآمر الإرهابي الإجرامي”. ومن بين الذين يخضعون للمحاكمة: أصدقاء القاتل، المتهمون بتقديم دعم لوجستي له. كما يُحاكم إبراهيم شنينة، والد إحدى الطالبات، بعد أن اتضح كذب ادعاء ابنته بأن المعلم طلب من الطلاب المسلمين مغادرة الصف قبل عرض رسوم كاريكاتورية للنبي محمد، مما أثار موجة غضب كبيرة ضد باتي.
ارتباك أوروبي في التعامل مع هيئة تحرير الشام
ورحب الاتحاد الأوروبي بسقوط النظام في سوريا، لكنه لا يزال في حيرة بشأن كيفية التعامل مع هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع الذي يكنى: بأبي محمد الجولاني. وقد دعت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كلاس، إلى انتقال سياسي سلمي وشامل.
وفي تصريح لها عقب سيطرة هيئة تحرير الشام والجولاني على دمشق، قالت: “ندعو إلى انتقال سياسي هادئ وشامل، فضلاً عن حماية كل السوريين، بما في ذلك جميع الأقليات”.
بدوره، شدد جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، على ضرورة اتخاذ الاتحاد الأوروبي خطوات ملموسة في هذا الملف.
وأوضح أن “الاتحاد الأوروبي يجب أن يوجه اهتمامًا سياسيًا وموارد كبيرة لتشكيل حكومة شاملة في سوريا“، مضيفًا أن على الاتحاد “التحرك بسرعة وبشكل هادف لتحفيز مسار إيجابي، لا سيما في ظل مؤشرات على أن هيئة تحرير الشام تسعى إلى تغيير في أيديولوجيتها”.
وهيئة تحرير الشام، التي ترتبط بالعديد من العمليات المسلحة في سوريا، تُصنف منظمة إرهابية من قبل دول عدة، بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة، وتخضع لعقوبات مشددة من قبل الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من ذلك، يحاول الجولاني، الذي كانت الولايات المتحدة قد عرضت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله، إعادة تلميع صورة الهيئة. ويسعى الجولاني إلى إبعاد جماعته عن ماضيها المرتبط بتنظيم القاعدة، في محاولة لتقديمها ككيان أكثر اعتدالًا على الساحة الدولية، غير أن ارتباطها بعمليات إرهابية ومسلحين في الخارج يعيق هذه الجهود.