اعلان

في ظل تصاعد الاشتباكات الدامية بين مسلحين إسلاميين ومقاتلين دروز في سوريا، عبّر قادة من الطائفة الدرزية في إسرائيل عن دعمهم لتدخل الجيش الإسرائيلي لحماية أبناء طائفتهم في سوريا، معتبرين أن على إسرائيل أن تواصل هذا التدخل إذا تجدد العنف.

وتأتي هذه المواقف في ظل العلاقة المتينة التي تربط الدولة الإسرائيلية بأبناء الطائفة الدرزية البالغ عددهم نحو 120 ألف شخص، وهي علاقة تعززت بفعل خدمة الرجال الدروز في الجيش الإسرائيلي.

وقال أنور عامر، رئيس بلدية حرفيش في الجليل الأعلى وضابط شرطة سابق: “الدروز في إسرائيل أقاموا رابطًا مع الدولة والشعب اليهودي. نحن نقاتل إلى جانبهم في كل الجبهات”. وأضاف خلال مقابلة مع وكالة رويترز: “أتوقع من دولتي والشعب اليهودي أن يردّوا الجميل وأن يدافعوا عن إخوتنا في سوريا”.

ويُعد الدروز أقلية عربية موزّعة بين لبنان وسوريا وإسرائيل، ويتّبعون ديانة خاصة تُعد فرعًا من الإسلام، ويعرف عنهم ولاؤهم القوي لبعضهم البعض وسعيهم إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول التي يعيشون فيها.

مواجهات بين الدروز والسلطات الجديدة في سوريا

ولا يقتصر اهتمام إسرائيل بالشأن الدرزي السوري على التضامن الطائفي، إذ ترى في الجماعات الإسلامية المسلحة التي تسيطر على مناطق في سوريا، منذ إطاحة بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، تهديدًا مباشرًا لها. وتحاول منع هذه الجماعات من التمركز قرب حدودها، خاصة في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.

وفي ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، أصبحت إسرائيل أكثر قلقًا من تنامي النفوذ التركي، الداعم للجماعات الإسلامية، قرب حدودها، خاصة بعد أن خفّضت وتيرة ضرباتها ضد النظام السوري الذي كان مدعومًا من إيران.

وقد تزامن هذا التحول مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، في خطوة أثارت شكوكًا إسرائيلية كبيرة حيال الإدارة السورية الجديدة.

وقالت ساريت زهافي، مؤسسة مركز “ألما” للأبحاث الأمنية في الجليل، إن الدفاع عن دروز سوريا يخدم مصلحة أمنية لإسرائيل، مضيفة: “بناء علاقات مع دروز سوريا القريبين من حدودنا قد يساعد في كبح خطر الإسلاميين… هذا درس تعلمناه من هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023”. وأضافت أن العلاقة الخاصة التي تربط إسرائيل بدروزها تحتم عليها التدخل لحماية نظرائهم في سوريا.

رغم ذلك، تعرضت هذه العلاقة لاختبار في عام 2018 حين خرج عشرات الآلاف من الدروز في مظاهرات ضد قانون الدولة القومية الذي منح اليهود وحدهم حق تقرير المصير.

ومع ذلك، لا تزال القرى الدرزية في الجليل تحتفظ برموز الولاء للدولة، حيث ترفرف الأعلام الإسرائيلية جنبًا إلى جنب مع الأعلام الدرزية، التي تتميز بألوانها الخمسة، على المباني العامة والساحات.

وفي مارس الماضي، سُمح لوفد من الشيوخ الدروز السوريين بزيارة مقام ديني في إسرائيل لأول مرة منذ خمسين عامًا، في خطوة أثارت احتفالات واسعة في أوساط الدروز الإسرائيليين.

“مساعدة أخوتنا في سوريا”

اندلعت الاشتباكات في مناطق درزية جنوب سوريا في 29 أبريل، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 درزي، معظمهم مسلحون، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة، إلى جانب مقتل 32 عنصرًا من الجماعات الإسلامية. وقد جاءت هذه الأحداث بعد تقارير عن مقتل مئات العلويين على يد مقاتلين موالين للحكومة السورية في مارس، ما جعل العديد من الدروز يرون في الأمر تهديدًا وجوديًا.

وقال عنان وهبي، ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي ومحاضر جامعي في العلوم السياسية: “من الصعب رؤية الصور وسماعهم يطلبون مساعدتنا”.

اعلان

وقد التقى الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للضغط من أجل تدخل عسكري. ووقع بعض الجنود الدروز رسالة تطوع للقتال في سوريا، بينما نظّم آخرون احتجاجات وقطعوا الطرقات للضغط على الحكومة.

من جهتها، اتهمت الحكومة السورية إسرائيل بالتصعيد الخطير ورفضت أي تدخل خارجي، لكنها اتخذت بعض الخطوات لتهدئة التوتر، مثل توظيف قوات أمن محلية بدلًا من إرسال عناصر من مناطق أخرى.

ورأى بعض أبناء الطائفة الدرزية أن على إسرائيل التحرك بهدوء لتجنّب تصوير الدروز السوريين كعملاء لإسرائيل. وقال الباحث السياسي سليم باريك لصحيفة “كلكليست” الإسرائيلية: “نحن نتوقع من الدولة التي نموت من أجلها أن تحمي إخوتنا، لكن من الأفضل أن تخفف من لهجة تصريحاتها”.

اعلان

لكن وهبي اعتبر أن الدعم الإسرائيلي ضروري، رغم الحساسيات السياسية: “في هذا الفوضى داخل سوريا، لا خيارات أخرى أمام الدروز”.

شاركها.
اترك تعليقاً