في حدث تاريخي يعكس أهمية الحوار و الوسطية، ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، خطبة مؤثرة من “جامع الاستقلال” في جاكرتا، إندونيسيا. هذه الخطبة، التي حظيت بتغطية واسعة، تركزت حول الإسلام والسلام، مؤكدةً على قيم التسامح والاعتدال التي يمثلها الدين الحنيف، ومواجهة التطرف و نبذ الكراهية بكل أشكاله. هذا الحدث يؤكد الدور المحوري للمملكة العربية السعودية و للرابطة في تعزيز رسالة الإسلام السمحة للعالم.
العيسى يرسخ مفهوم الإسلام كرسالة سلام من قلب إندونيسيا
رسالة الدكتور العيسى كانت واضحة ومباشرة: الإسلام هو دين الرحمة والعدل، وهو محارب للتطرف والكراهية. وأوضح، مخاطباً الحشود الكبيرة التي احتشدت في الجامع، أن جوهر الإسلام يكمن في الدعوة إلى السلام والتعايش السلمي بين الناس جميعاً، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم. لقد أكد على أن القيم الإسلامية الحقيقية ترتكز على الاحترام المتبادل والمحبة والتآلف، وأن أي تفسير يروج للعنف أو التعصب هو تشويه للإسلام الحقيقي.
التأكيد على الوسطية والاعتدال
شدد الدكتور العيسى على ضرورة التمسك بالوسطية والاعتدال في الفكر والسلوك، وهي المفاهيم التي تمثل جوهر الشريعة الإسلامية. وأضاف أن الله تعالي قد جعل المسلمين أمة وسطاً، أي أمة قوامها العدل والتوازن، وأن هذا التوازن هو أساس الاستقرار والتقدم في المجتمعات. هذا الخطاب يتماشى مع الجهود العالمية المبذولة لمكافحة التطرف وتعزيز قيم السلام.
رمزية جامع الاستقلال في اختيار المنصة
اختيار “جامع الاستقلال” في جاكرتا لإلقاء هذه الخطبة لم يكن مجرد اختيار عشوائي، بل كان يحمل رمزية كبيرة. يُعد هذا الجامع، وهو الأكبر في جنوب شرق آسيا، مثالاً حياً على التسامح الديني والعيش المشترك في إندونيسيا. فهو يقع على مقربة من كاتدرائية جاكرتا، مما يعكس التناغم والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في البلاد.
هذه الرمزية عززت من تأثير رسالة الإسلام والسلام التي وجهها الدكتور العيسى، حيث أرسلت إشارة قوية إلى العالم بأن الإسلام يمكن أن يتعايش بسلام مع الأديان الأخرى. إندونيسيا، كأكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، تعتبر نموذجاً هاماً يمكن أن يحتذى به الآخرون في تعزيز التسامح الديني والوئام الاجتماعي.
رابطة العالم الإسلامي: ريادة في تعزيز الحوار بين الثقافات
تأتي هذه الخطبة في إطار الجهود المتواصلة لرابطة العالم الإسلامي بقيادة الشيخ الدكتور العيسى، لتعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال على مستوى العالم. تسعى الرابطة من خلال مبادراتها وبرامجها المختلفة إلى إبراز الصورة الحقيقية للإسلام، وتفنيد الشبهات التي تثار حوله. وتعمل الرابطة بشكل وثيق مع العلماء والمفكرين والقيادات الدينية في مختلف أنحاء العالم لتحقيق هذا الهدف.
من خلال الجولات المكثفة التي تقوم بها الرابطة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، تسعى إلى الحوار مع المجتمعات المختلفة، وتبادل الخبرات والمعارف، وتوضيح المبادئ والقيم الإسلامية السمحة. تعتبر هذه المساعي تطبيقًا عمليًا لبنود “وثيقة مكة المكرمة”، التي تمثل إطارًا مرجعيًا للتعايش الإنساني واحترام التنوع الديني والثقافي.
أهمية الحدث في ظل تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا
يكتسب هذا الحدث أهمية خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها العالم، وعلى رأسها ظاهرة “الإسلاموفوبيا” و خطاب الكراهية المتطرف. إن صدور هذه الرسالة المتوازنة من شخصية دينية مرموقة مثل الدكتور العيسى، ومن منصة دينية كبرى مثل “جامع الاستقلال”، يساهم في تعزيز القوة الناعمة للإسلام، ويدحض الأفكار المغلوطة التي يروج لها المتطرفون.
كما يؤكد هذا الحدث للعالم أن المسلمين هم دعاة سلام وبناء، وأنهم يرفضون بشكل قاطع أي شكل من أشكال العنف أو التطرف. إن مثل هذه المبادرات تسهم في تحسين صورة الإسلام في الخارج، وتعزيز الثقة والتفاهم بين الثقافات والحضارات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، ترسخ فكرة أن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة، وأن الدين الحنيف يدعو إلى التعايش والتسامح والرحمة.
ختاماً، يمكن القول أن خطبة الدكتور العيسى من جامع الاستقلال كانت رسالة قوية ومؤثرة للعالم، أكدت على جوهر الإسلام كرسالة سلام وتسامح. هذا الحدث يمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز الحوار بين الثقافات، ومواجهة التطرف و الإسلاموفوبيا، وبناء عالم يسوده السلام والعدل والمحبة. ندعو الجميع إلى التفاعل مع هذه الرسالة ومشاركتها، لنشر قيم الإسلام السمحة في جميع أنحاء العالم.









