تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، افتُتح في المدينة المنورة، صرح ثقافي عالمي جديد يهدف إلى إحياء وتطوير فن الخط العربي. هذا الحدث البارز يؤكد على التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على تراثها الثقافي الغني وتقديمه للعالم، ويضع المدينة المنورة في قلب المشهد العالمي للخطاطين والفنانين والباحثين. شهد حفل الافتتاح حضوراً كبيراً من الشخصيات الرفيعة، بما في ذلك الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، والأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية والدعم الكبير الذي يحظى به هذا المشروع.
المدينة المنورة: مهد الخط العربي ومنطلقاً للمركز العالمي
اختيار المدينة المنورة كمقر لـ مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي ليس مصادفة. فالمدينة تحمل مكانة عظيمة في تاريخ الحضارة الإسلامية وهي مهد كتابة المصحف الشريف في عهد الخلفاء الراشدين. على مر القرون، كانت المدينة المنورة منارة للعلم والثقافة، حيث ازدهر فن الخط العربي وتطور على يد كبار الخطاطين الذين أثروا العالم بأعمالهم الفنية.
تاريخ عريق يربط المدينة بالخط
تاريخ المدينة المنورة متشابك مع تطور فن الخط، بدءًا من كتابة الوحي الإلهي وصولًا إلى تدوين السنة النبوية والعلوم الإسلامية. هذا الارتباط الوثيق يجعل من المدينة المنورة الموقع الأمثل لمركز يحتفي بهذا الفن العريق ويعمل على تطويره ونشره على نطاق عالمي. المركز يمثل تجسيدًا للرابط العميق بين الخط العربي والهوية الإسلامية، وينقل هذا الإرث إلى الأجيال القادمة.
منصة عالمية لتعزيز قيمة الخط العربي
أكد صاحب السمو وزير الثقافة في كلمته خلال حفل الافتتاح أن المركز يهدف إلى تأسيس منصة عالمية متكاملة تعزز مكانة الخط العربي كقيمة ثقافية وحضارية أصيلة. سيقوم المركز بدور حيوي في إبراز هذا الفن الراسخ في التراث والعمارة والتصميم، وتقديم صورة حقيقية عن جماله وعمقه للعالم.
دعم القطاع الثقافي ورسالة المركز العالمية
يعكس إنشاء هذا المركز الدعم اللامحدود الذي تحظى به الثقافة والفنون في المملكة العربية السعودية، والذي يأتي في سياق رؤية المملكة الطموحة 2030. المركز لا يهدف فقط إلى الحفاظ على هذا الفن، بل أيضًا إلى تطويره وتقديمه بصورة عصرية ومبتكرة. كما يحمل المركز رسالة عالمية تهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي والتواصل بين الشعوب من خلال فن الخط العربي.
تتويج للجهود الوطنية في خدمة فنون الخط
افتتاح مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي يأتي كثمرة جهود مستمرة بذلتها المملكة في خدمة الخط العربي. من أبرز هذه الجهود مبادرة “عام الخط العربي” التي أقيمت في عامي 2020 و2021، والتي سلطت الضوء على أهمية هذا الفن وجماله.
اعتراف اليونسكو وقيمة الإضافة للمملكة
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا الصرح الثقافي تتويجاً لنجاح المملكة في تسجيل “الخط العربي: المعارف والمهارات والممارسات” ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في عام 2021. هذا التسجيل يمثل اعترافًا دوليًا بأهمية الخط العربي كجزء لا يتجزأ من التراث الإنساني. كما يعزز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز عالمي للفنون الإسلامية والعربية. يشكل هذا الإنجاز قيمة مضافة للمملكة ويدعم مسيرتها نحو تحقيق أهداف رؤية 2030.
برامج متكاملة لدعم المواهب وصقل المهارات
لتحقيق أهدافه الطموحة، يتبنى المركز منهجاً شاملاً يتضمن مجموعة متنوعة من البرامج والمبادرات. يهدف المركز إلى تطوير المواهب الشابة وتشجيع الإبداع والابتكار في مجال الخط العربي.
حاضنات الأعمال والجمعية الدولية للخط العربي
تشمل هذه البرامج برامج تعليمية متخصصة، ومنح دراسية، ومعارض فنية دائمة ومتنقلة تعرض روائع الخط العربي. بالإضافة إلى ذلك، سيحتضن المركز حاضنة أعمال لدعم المشاريع الناشئة في هذا المجال، وسيشرف على تأسيس “الجمعية الدولية للخط العربي” لتكون مظلة تجمع الخطاطين والباحثين من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز التعاون وتبادل الخبرات.
المركز ورؤية المملكة 2030: نحو مستقبل ثقافي واعد
إن إطلاق مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي يتماشى بشكل كامل مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى إثراء النسيج الثقافي للمملكة، وتنمية القدرات الوطنية، وتعزيز الحوار الثقافي العالمي. هذا المشروع الطموح يؤكد على التزام المملكة بالحفاظ على هويتها وتراثها العريق، وفي الوقت نفسه يقدمه للعالم بصورة مبتكرة ومعاصرة. من خلال هذا المركز، تسعى المملكة إلى أن تصبح مركزاً عالمياً رائداً في مجال الفنون والثقافة الإسلامية والعربية، مما يساهم في تعزيز مكانتها على الساحة الدولية.
في الختام، يمثل افتتاح مركز الخط العربي العالمي بالمدينة المنورة علامة فارقة في تاريخ هذا الفن العريق، ومحطة مهمة في مسيرة المملكة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة 2030. ندعو الجميع، من محبي الخط العربي والباحثين والفنانين، للاستفادة من الفرص التي يوفرها هذا الصرح الثقافي العالمي، والمساهمة في إثراء هذا الفن ودعم قيمه الإنسانية.















