في قلب الصحراء الشاسعة، وبين تحديات الطرق الوعرة، تنبض حياة مغامرة لهواة تعديل سيارات الدفع الرباعي، عالم غالباً ما يُساء فهمه ويواجه قيوداً قانونية غير واضحة. هؤلاء الشباب، الذين يرون في سياراتهم أكثر من مجرد وسيلة نقل، يواجهون مطاردات مستمرة من قبل المرور بحجة مخالفة نظام المرور الجديد، الذي لم يحدد بشكل دقيق حدود التعديل المسموح به. بين دفاعهم عن رياضتهم وتهميشهم من قبل السلطات، تبرز قضية تستحق البحث والنقاش. هذا المقال يسلط الضوء على وجهة نظر هؤلاء الهواة، الإشكاليات القانونية التي تواجههم، وسبل إيجاد حلول تضمن ممارسة هذه الهواية بشكل آمن وقانوني.

شغف التعديل: بين الهواية والمخالفة

تعديل سيارات الدفع الرباعي ليس مجرد إضافة بعض الأجزاء الجمالية، بل هو فن وعلم وهندسة، يهدف إلى تحسين أداء السيارة وقدرتها على مواجهة مختلف التضاريس. يعتبره هؤلاء الشباب رياضتهم المفضلة، حيث يقضون ساعات طويلة في الورشات، يتعلمون ويطورون مهاراتهم. يؤكد أحمد جابر، أحد قدامى ممارسي هذه الهواية: “نحن لا نهدف إلى العبث أو تعريض حياة الآخرين للخطر. نستخدم سياراتنا المعدلة في البر وفي الحلبات المخصصة، ونلتزم بأعلى معايير السلامة.”

إلا أن هذا الشغف غالباً ما يصطدم بواقع مخالف. فبينما يرى البعض في هذه التعديلات تحسينًا للأداء، يراها آخرون تجاوزًا للأنظمة وتعريضًا للسلامة العامة للخطر. هذا التضارب في وجهات النظر هو جوهر المشكلة.

التحديات التي تواجه هواة التعديل

أحد أبرز التحديات التي يواجهها هؤلاء الهواة هو الغموض الذي يحيط بنظام المرور الجديد فيما يتعلق بالتعديلات المسموح بها. على الرغم من حصولهم على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، مثل الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية وهيئة الاتصالات، إلا أنهم يتعرضون للمخالفات وحجز سياراتهم من قبل المرور.

ويضيف أمجد أبو رزق: “لدينا فرق متعددة تقدم أعمالاً تطوعية هامة، مثل المساعدة في عمليات الإنقاذ أثناء الفيضانات وتقديم العون للسيارات العالقة في الصحراء. ومع ذلك، لا يتم تقدير هذه الجهود، بل نُعامل كمخالفين.”

الإطار القانوني لتعديل السيارات في السعودية

من الضروري العودة إلى الإطار القانوني الذي يحكم تعديل السيارات في المملكة العربية السعودية. تنص المادة الخامسة والعشرون من نظام المرور السعودي الصادر في 1428هـ على حظر إجراء أي تعديل في المركبة يغير لونها أو معالمها أو تجهيزاتها الأساسية أو يؤدي إلى زيادة حمولتها أو أبعادها المقررة دون الحصول على تصريح مسبق.

يوضح المحامي سعد الباحوث، المستشار القانوني، أن هذه المادة “تحدد نقاط الحظر في التعديل، مثل تغيير لون السيارة أو تعديل هيكلها الأساسي أو زيادة قوة محركها أو أبعادها. أما التعديلات التي لا تخل بهذه المعايير، مثل تركيب إطارات خاصة أو تجهيزات إضافية للقيادة في الصحراء، فهي مسموح بها.”

الحقوق القانونية لهواة التعديل

في حالة حجز المركبة وفرض غرامة، يحق لصاحبها الاعتراض على القرار وطلب التعويض أمام هيئة الفصل بالمخالفات المرورية خلال 30 يومًا. يجب عليه تقديم كافة الوثائق التي تثبت حصوله على التراخيص اللازمة وأن التعديلات التي أجراها لا تخالف النظام.

من المهم أن نذكر بأن العديد من التجهيزات الخاصة بسيارات الدفع الرباعي مسموح باستيرادها إلى المملكة بشكل نظامي. وعليه، فإن تطبيق النظام بشكل حرفي دون مراعاة هذه التفاصيل قد يكون مجحفًا بحق هؤلاء الهواة.

نحو تنظيم رياضة تعديل سيارات الدفع الرباعي

على الرغم من المخاطر المحتملة، هواة سيارات الدفع الرباعي يمارسون شغفهم بطرق مسؤولة، ملتزمين بمعايير السلامة والقانون. لكن الفوضى الحالية والغموض القانوني يتطلبان تدخلًا عاجلاً لتنظيم هذه الرياضة.

يجب على الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية التنسيق مع إدارة المرور لتحديد معايير واضحة للتعديلات المسموح بها، وتوفير برامج تدريبية لهواة التعديل لتعزيز الوعي بأهمية السلامة المرورية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إنشاء حلبات مخصصة لهذه الرياضة، لتوفير بيئة آمنة لممارسة الهواية بعيدًا عن الطرق العامة.

دور المجتمع في دعم الهواية

لا يقتصر تنظيم هذه الهواية على الجهات الحكومية والاتحادات الرياضية، بل يمتد ليشمل المجتمع بأكمله. يجب علينا فهم هذه الهواية وتقديرها، وتشجيع ممارسيها على الالتزام بالقانون.

يمكن للمجتمع تنظيم فعاليات ومعارض خاصة بـ تعديل سيارات الدفع الرباعي، لتعزيز الحوار والتواصل بين الهواة والسلطات. كما يمكن للمتاجر المتخصصة في بيع قطع غيار السيارات المعدلة المساهمة في نشر الوعي بأهمية الحصول على التراخيص اللازمة والالتزام بمعايير السلامة.

الخلاصة: تحقيق التوازن بين الشغف والنظام

في الختام، يمكن القول إن قضية تعديل سيارات الدفع الرباعي هي قضية معقدة تتطلب حلولًا مبتكرة. يجب تحقيق التوازن بين حماية السلامة المرورية وحرية ممارسة الهوايات. من خلال وضع معايير واضحة للتعديلات المسموح بها، وتوفير برامج تدريبية، وإنشاء حلبات مخصصة، يمكننا تحويل هذه الهواية من ممارسة غير منظمة إلى رياضة آمنة وقانونية.

ندعو القارئ الكريم إلى التفكير بعمق في هذه القضية، والمساهمة في إيجاد حلول تضمن حقوق هؤلاء الشباب، وتحترم شغفهم، وتحافظ على سلامة الجميع. شارك برأيك، هل هم رياضيون فعلاً أم مخالفون للأنظمة؟ وكيف يمكن تنظيم هذه الهواية بشكل أفضل؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version