خلال اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الاثنين، حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من أن المفاوضات المقررة الثلاثاء بين مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تفضي إلى “ضغوط قاسية على أوكرانيا”. هذا التحذير يأتي في ظل تزايد المخاوف بشأن مستقبل الأزمة الأوكرانية، واحتمالية التوصل إلى تسويات قد لا تراعي المصالح الأوكرانية بشكل كامل.
تصعيد دبلوماسي ومخاوف أوروبية بشأن مفاوضات ترامب-بوتين
أعربت كالاس عن خشيتها من أن “يُمارس الضغط كله على الطرف الأضعف”، لافتة إلى أن استسلام أوكرانيا سيكون “أسهل سبيل لإنهاء الحرب”. وشددت على أن روسيا “لا تريد السلام في أوكرانيا”، مما يثير تساؤلات حول جدوى المفاوضات الحالية. ومن جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين استمرار الجهود لتلبية احتياجات أوكرانيا المالية، والتنسيق مع الشركاء في “تحالف الراغبين”، معتبرة أن الدول الأوروبية تبقى “متحدة وراء اتفاق سلام ينصف أوكرانيا ويحافظ على سيادتها بالضمانات الأمنية اللازمة”.
لقاءات باريس وتنسيق دولي مكثف
في باريس، عقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون محادثات مع ويتكوف والمفاوض الأوكراني رستم عمروف، بعد اجتماع سابق للوفد الأمريكي في فلوريدا. هذه اللقاءات تأتي في إطار جهود دولية مكثفة لتنسيق المواقف قبل الاجتماع المرتقب بين ويتكوف وبوتين.
أجرى ماكرون وزيلينسكي اتصالات مع قادة بريطانيا وألمانيا وبولندا وإيطاليا والنرويج وفنلندا والدنمارك وهولندا، بالإضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية والأمين العام لحلف شمال الأطلسي. هذا التنسيق الواسع يعكس القلق الأوروبي بشأن مسار المفاوضات، والرغبة في ضمان مشاركة أوكرانيا في أي اتفاق يتم التوصل إليه.
موقف فرنسا وأوكرانيا من الضمانات الأمنية
أكد ماكرون أنه من غير الممكن مناقشة الضمانات الأمنية في أوكرانيا من دون مشاركة كييف والدول الأوروبية، مشددًا على أن “أوكرانيا وحدها من يحق لها اتخاذ قرار بشأن أراضيها”. وأعلن أنه لا ينوي “إعطاء دروس” لأوكرانيا رغم فضيحة الفساد التي تلاحق حكومتها، مشيرًا إلى أن “الديكتاتورية الحقيقية” تتمثل في روسيا.
من جانبه، قال زيلينسكي إن العمل جارٍ للتحضير لاجتماعات في أوروبا، مشيرًا إلى اتفاق الجميع على ضرورة أن تنتهي الحرب “بشكل مشرف”. وأشار إلى تعقيدات ملف الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية، مؤكدًا أن تحقيق “أمن حقيقي” يستلزم ضمان عدم حصول روسيا على “أي مكافأة” نتيجة هذه الحرب.
مخاوف من انحياز أمريكي لمصلحة روسيا
تزايدت المخاوف في الأسابيع الأخيرة من أن الولايات المتحدة باتت أكثر تقاربًا مع مطالب موسكو مقارنة بمطالب أوكرانيا، وأن أوروبا تُستبعد من طاولة التفاوض. دول أوروبية داعمة لأوكرانيا اعتبرت أن الخطة الأصلية للمحادثات منحازة بقوة لمصلحة روسيا وتتطلب “مزيدًا من العمل”. هذه المخاوف دفعت إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية الأوروبية، والضغط على واشنطن لضمان مشاركة أوكرانيا في أي اتفاق يتم التوصل إليه. الدبلوماسية الدولية تشهد تحولات متسارعة في ظل هذه التطورات.
تقدم حذر في الاتصالات الدبلوماسية
أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بعد اجتماع رفيع المستوى في ميامي بين مسؤولين أمريكيين ووفد أوكراني، معتبرًا أن هناك “فرصة جيدة” للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. ووصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اجتماع ميامي بأنه “جلسة مثمرة ومفيدة للغاية أُحرز فيها تقدّم إضافي”، لكنه أكد أن هناك مزيدًا من العمل المطلوب.
من جهته، قال رئيس الوفد الأوكراني روستيم أوميروف إن الاجتماع كان “مثمرًا وناجحًا”، وبنى على ما تحقق خلال محادثات جنيف السابقة. وأضاف أن وفد بلاده حقق “تقدمًا ملحوظًا” رغم الحاجة إلى “مزيد من التحسين” في بعض القضايا. المفاوضات السياسية لا تزال تواجه تحديات كبيرة.
تصعيد ميداني متواصل بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية
تتزامن الجهود الدبلوماسية مع استمرار الهجمات الروسية بالصواريخ والمسيرات على المدن الأوكرانية والبنية التحتية. أعلنت السلطات الأوكرانية أن هجومًا صاروخيًا روسيًا على مدينة دنيبرو أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة أربعين آخرين. في المقابل، تواصل أوكرانيا استهداف البنية التحتية الروسية للطاقة والدفاع عبر مسيّرات بعيدة المدى وصواريخ محلية الصنع. هذا التصعيد الميداني يعقد الجهود الدبلوماسية، ويزيد من صعوبة التوصل إلى حل سلمي.
في الختام، يظل مستقبل الأزمة الأوكرانية غامضًا، مع تزايد المخاوف بشأن مسار المفاوضات الحالية. الجهود الدبلوماسية الأوروبية والأمريكية مستمرة، ولكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل التصعيد الميداني المستمر، والمخاوف من انحياز أمريكي لمصلحة روسيا. من الضروري استمرار التنسيق الدولي، وضمان مشاركة أوكرانيا في أي اتفاق يتم التوصل إليه، من أجل تحقيق سلام دائم وعادل.



