في خضم التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، يبرز سؤال حول فعالية القوة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق الأمن والاستقرار على المدى الطويل. مؤخرًا، تصاعدت العمليات الإسرائيلية، كان أبرزها اغتيال القيادي البارز في حزب الله، هيثم علي الطباطبائي، في الضاحية الجنوبية ببيروت، ضمن سلسلة غارات تستهدف عناصر الحزب وأحيانًا مدنيين. هذا التحرك، وغيرها من العمليات المماثلة، يضع في دائرة الضوء استراتيجية القوة العسكرية الإسرائيلية وتأثيرها على المشهد الإقليمي.
تصعيد إسرائيلي وتأثيره على الاستقرار الإقليمي
أكد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل تصر على إظهار تفوقها العسكري، وهو ما يتجلى في عملياتها المتزايدة. لم تكن هذه الغارة مجرد عملية عسكرية عادية، بل استهدفت شخصية مؤثرة في هيكل حزب الله، مما دفع وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على هذا التصعيد. يشير التقرير إلى أن إسرائيل تعتبر هذه العمليات ضرورية لردع تهديدات حزب الله المتزايدة.
لكن السؤال الأهم الذي يطرحه المحللون هو: هل هذا التفوق العسكري يترجم إلى أمن استراتيجي دائم؟ يرى روجر كوهين، الكاتب في نيويورك تايمز، أن هذه العمليات، على عكس ما قد يبدو، تعزز من تصميم أعداء إسرائيل وتضعف بشكل كبير فرص تحقيق سلام حقيقي ومستدام في المنطقة.
لبنان في منطقة رمادية
يعيش لبنان حاليًا في حالة من عدم اليقين، مع وجوده في منطقة رمادية بين الحرب والسلام. يسعى حزب الله إلى الحفاظ على نفوذه ومقاومة الضغوط لنزع سلاحه، وهو الأمر الذي يجعل أي اتفاق سلامي شامل بعيد المنال. الوضع اللبناني المعقد يعكس التحديات التي تواجهها إسرائيل في تحويل قوتها العسكرية إلى استقرار سياسي.
تقييم القوة الإسرائيلية: هل هي طريق مسدود؟
بعد تغطية الذكرى السنوية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لم يجد كوهين أي دليل يشير إلى أن استخدام القوة العسكرية الإسرائيلية بالشكل الحالي سيؤدي إلى مستقبل أكثر سلمية. إسرائيل، وفقًا للكاتب، تبدو غير مستعدة للتخلي عن الخيار العسكري أو حتى تقليصه، حتى في ظل وجود حكومات جديدة في سوريا ولبنان قد تكون منفتحة على الحوار.
وهذا يوقعها في مأزق. فإسرائيل تمارس قوتها بلا هوادة، لكنها تواجه صعوبات دبلوماسية جمة. الاعتماد على القوة العسكرية وحده لا يكفي لضمان السلام، بل قد يكون عكسيًا في بعض الأحيان.
نقاط ضعف محور المقاومة وتأثيرها على الوضع
على الرغم من هذا التصعيد، تشير بعض المؤشرات إلى أن محور المقاومة، بقيادة إيران، في حالة ضعف نسبي. إيران نفسها واجهت صعوبات بعد المواجهات الأخيرة، كما أن سوريا لم تعد بمثابة خط إمداد رئيسي للأسلحة إلى حزب الله. هذه التطورات قد تعطي إسرائيل فرصة لتعزيز موقفها الإقليمي، لكنها لا تحل المشكلة الأساسية المتمثلة في غياب التسوية السياسية.
إضافة إلى ذلك، فإن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الحالية قد لا تكون قادرة على التعامل مع التحديات المتغيرة في المنطقة، مثل صعود قوى جديدة وتزايد النزاعات الطائفية.
الحاجة إلى حل سياسي شامل
يبقى السؤال الأكبر هو كيف يمكن لإسرائيل أن تحول تفوقها العسكري إلى أساس للسلام في منطقة تعاني من جروح عميقة؟ إن قضية إقامة الدولة الفلسطينية، التي لا تزال بلا حل، ستبقى عائقًا رئيسيًا أمام أي تسوية طويلة الأمد.
لا يمكن تجاهل أن التصعيد العسكري الإسرائيلي، على الرغم من فعاليته التكتيكية في بعض الأحيان، لا يعالج الأسباب الجذرية للصراع. بل قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وزيادة التطرف.
الخلاصة: بين القوة والدبلوماسية
في الختام، يبدو واضحًا أن إسرائيل تواصل إظهار القوة العسكرية الإسرائيلية، لكن ذلك لا يضمن السلام. فالقوة العسكرية وحدها ليست كافية لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، بل يجب أن تترافق مع جهود سياسية ودبلوماسية جادة.
إن تجاهل هذه الحقيقة قد يؤدي إلى استمرار الوضع الحالي من التوتر وعدم اليقين، مما يعرض المنطقة لمزيد من المخاطر والتحديات. يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في استراتيجيتها، وأن تولي اهتمامًا أكبر للحلول الدبلوماسية والسياسية التي يمكن أن تؤدي إلى سلام حقيقي ومستدام.
كلمات مفتاحية إضافية (Secondary Keywords): الصراع العربي الإسرائيلي، حزب الله، الحدود اللبنانية الإسرائيلية، التوترات الإقليمية.
هل ترغب في معرفة المزيد عن تطورات الصراع في المنطقة؟ شارك هذا المقال مع أصدقائك لمزيد من النقاش.



