في أعقاب الهجوم المروع على مدينة كلوقي في ولاية جنوب كردفان، والذي استهدف بشكل مباشر المدنيين، بما في ذلك الأطفال، يزداد القلق الدولي حيال الوضع الإنساني المتدهور في السودان. هذا الهجوم، الذي نفذته قوات الدعم السريع، يمثل تصعيداً خطيراً في الصراع الدائر، ويطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل المنطقة. يركز هذا المقال على تفاصيل هجوم كلوقي، ردود الفعل الدولية، والوضع الإنساني الكارثي في السودان، مع التأكيد على ضرورة المساءلة وحماية المدنيين.
تفاصيل هجوم كلوقي المأساوي
في السادس عشر من ديسمبر 2025، شهدت مدينة كلوقي في ولاية جنوب كردفان هجوماً وحشياً من قبل قوات الدعم السريع. استهدف الهجوم بشكل مباشر روضة أطفال ومستشفى ريفي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، معظمهم من الأطفال. تشير التقارير الأولية إلى أن عدد القتلى وصل إلى 80 شخصاً، بينهم 46 طفلاً، بينما ارتفع عدد الجرحى إلى 38.
وصف الهجوم بأنه “مذبحة مكتملة الأركان” من قبل وزارة الخارجية السودانية، التي أكدت أن القصف المزدوج على روضة الأطفال والمستشفى يمثل “سابقة لم يعرف العالم لها مثيلا من قبل”. وقد استخدمت قوات الدعم السريع صواريخ أطلقت من طائرة مسيرة في الهجوم، ثم قامت بقصف المنطقة مرة أخرى أثناء محاولة الأهالي إنقاذ المصابين.
ردود الفعل الدولية والإدانة الواسعة
أثار هجوم كلوقي إدانة واسعة النطاق من قبل المجتمع الدولي. أدانت مفوضة إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، حاجة لحبيب، الهجوم بشدة، واصفة إياه بأنه “جريمة حرب واضحة”. وأكدت أن استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية أمر محظور تماماً بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأضافت لحبيب أن “العنف المفرط ضد السكان يتطلب مساءلة عاجلة”، داعية أطراف النزاع إلى احترام التزاماتها القانونية وحماية المدنيين. من جانبه، أعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه العميق إزاء تكرار الفظائع في شمال كردفان، مشيراً إلى أن المفوضية وثقت مقتل ما لا يقل عن 269 مدنياً منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول بسبب الغارات الجوية والقصف والإعدامات الميدانية.
الوضع الإنساني المتدهور في ولاية جنوب كردفان
بالتزامن مع هجوم كلوقي، تتفاقم الأزمة الإنسانية في ولاية جنوب كردفان والمناطق المحيطة بها. أفادت شبكة أطباء السودان بأن قوات الدعم السريع تحتجز أكثر من 100 أسرة من بابنوسة والقرى المجاورة غربي كردفان، بينهم أطفال ونساء حوامل، في ظروف إنسانية “بالغة الخطورة”.
وتعرضت العديد من النساء للضرب والإهانة، مما يمثل “خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني”. وحذر المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين في شرق وجنوب أفريقيا، مامادو ديان بالدي، من أن التصعيد في كردفان يبقي آلاف المدنيين تحت الحصار، وأن النساء والأطفال وكبار السن فقط يتمكنون من الفرار، في حين يتجنب الرجال التحرك خوفاً من التعرض للاستهداف. هذه الأوضاع تزيد من الحاجة الماسة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة.
تداعيات الصراع وتأثيره على المدنيين
تتسبب المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات كردفان الثلاث في نزوح جماعي للسكان. تسيطر قوات الدعم السريع على معظم ولايات دارفور الخمس، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على أغلب الولايات الأخرى بما فيها العاصمة الخرطوم.
ويحذر مراقبون من أن توسع المعارك إلى عمق كردفان ينذر بنزوح أكبر، بعد أن تسبب النزاع منذ أبريل/نيسان 2023 في مقتل عشرات الآلاف ونزوح قرابة 13 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالمياً. الأزمة الإنسانية في السودان تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لتقديم المساعدات للمتضررين وحماية المدنيين.
الحاجة إلى المساءلة وحماية المدنيين
إن هجوم كلوقي يمثل نقطة تحول في الصراع الدائر في السودان، ويؤكد على ضرورة المساءلة عن الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين. يجب على المجتمع الدولي الضغط على أطراف النزاع للامتثال للقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين من النزاع، وضمان وصولها إلى المحتاجين دون عوائق. إن مستقبل السودان يعتمد على قدرة المجتمع الدولي على التدخل الفعال لحماية المدنيين وإنهاء العنف. يجب أن يكون التركيز على إيجاد حل سياسي للصراع يضمن حقوق جميع السودانيين ويحقق الاستقرار والسلام الدائمين.
في الختام، يمثل هجوم كلوقي جريمة مروعة تتطلب تحقيقاً دولياً شاملاً ومحاسبة المسؤولين. إن الوضع الإنساني في السودان يتدهور بسرعة، ويتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً لإيجاد حل سلمي للصراع وحماية المدنيين.



